Tuesday, October 19, 2010

مجمع البيان تأليف: الطبرسي

لقد فضل الله القرآن على سائر الكلام ، كفضل الله على خلقه ، فهو لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، تنزيل من حكيم حميد . هذا وللقرآن الكريم اسماء عديدة كلها تدل على رفعة شأنه وعلو مكانته ، وعلى انه اشرف كتاب سماويّ على الاطلاق ، فيسمى "القرآن" و "الفرقان" و "التنزيل" و "الذكر" و "الكتاب" ، وقد وصفه الله تبارك وتعالى بأوصاف جليلة عديدة منها : "نور" و "هذى" و "رحمة" و "شفاء" و "موعظة" و "عزيز" و "مبارك" و "بشير" و "نذير" الى غير ذلك من الاوصاف التي تشير الى عظمته وقدسيته وقلما تخلو سورة من سور القرآن ، من وصف رائع مجيد لهذا الكتاب ، الذي انزله رب العزة ليكون معجزة خالدة ، لخاتم الانبياء والمرسلين ، لقد لقي القرآن عناية فائقة وجهوداً جبارة ، وابحاثاً مستفيضة على أيدي علماء اعلام ، واساتذة اجلاء ، ومفكرين نخبة ، افنوا اعمارهم في سبيل الحفاظ على هذا التراث الكريم ، والكنز الثمين ، فتركوا للأجيال ثروة علمية هائلة ، لا ينضب معينها على مر الزمان ، فقد تسابق الفصحاء والبلغاء والحكماء والشعراء ، والمفسرون الاجلاء في وصف القرآن ، وسرد محاسنه وفضائله ، لكن المتبصر الناقد لا يجد ابلغ واسمى من وصف صاحب الرسالة محمد (ص) حين يقول : " كتاب الله فيه نبأ من قبلكم ، وخبر ما بعدكم ، وحكم ما بينكم ، هو الفصل ليس بالهزل ، من تركه من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى في غيره اضله الله ، هو حبل الله المتين ، وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم ، وهو الذي لا تزيغ به الاهواء ، ولا تلتبس به الالسنة ، ولا يشبع منه العلماء ، ولا يخلق (اي لا يبلى ولا تذهب جدته على كثرة القراءة والترداد ) على كثرة الردّ ، ولا تنقضي عجائبه ، وهو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا : " إنا سمعنا قرءاناً عجباً ، يهدى الى الرشد فامنا به ( الجن : 1 ـ 2 ) من قال به صدق ، ومن عجل به اجر ، ومن حكم به عدل ، ومن دعا اليه هدي الى صراط مستقيم " رواه الترمذي في باب فضائل القرآن . ولما كان القرآن الكريم ، دستور الامة وهداية الخالق ، وشريعة الله لأهل الارض ، والنور الالهي ، والتشريع العام الخالد ، الذي تكفل بكل ما يحتاج اليه البشر في امور دينهم ودنياهم ، وهو الكتاب الكامل ، والنظام الشامل ، في العقائد والاخلاق ، والعبادات والمعاملات ، والحكمة والسياسة ، والحرب والسلام ، وفي الشؤون الاقتصادية والعلاقات الدولية ، ولما كان كتاب "مجمع البيان في تفسير القرآن" يعتبر من أجلّ التفاسير ، بحيث لا يوجد تفسير تتناوله الايدي كهذا التفسير (علماً بأن كتب التفسير تملأ الخزائن العربية والاسلامية ) في توضيح المعاني ، واظهار الإعجاز ، وتفصيل الاحكام ، وابراز جوانب التشريع ، والاخلاق والتربية والتوجيه ، وخلاصة لأقوال مشاهير المفسرين المعتمدين ، والذي يجمع بين المأثور والمعقول من اقوال السلف الصالح ، كما يمتاز بالدقة والتحقيق مع سلامة العبارة وسهولتها . وبعد التوكل على الله ، رأينا في دار الهلال ، ان من الخير الذي ليس وراءه خير ، ان نخرج للناس هذا السفر الفذ ، "مجمع البيان في تفسير القرآن" بحلة جديدة رائعة ، تمتاز بجودة الترتيب ، وحسن التبويب ، وجمال الطباعة ، كتابا جميلاً جليلاً ، عسى ان يكون نوراً للأخيار ، ورائداً للأبرار وحجة على الماديين وهادياً لمحبي واقع المعرفة ، وذخيرة نفيسة لخزائن العلماء واهل الفضل ، وتحفة فاخرة لا يستغني عنها الادباء ورواد العلم والمعرفة . والله نسأل ان يوفقنا لخدمة القرآن ويجعل عملنا خالصاً لوجهه الكريم وان ينفعنا به يوم الدين .

0 comments

Post a Comment